نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ثورة الجزائر درس لا ينسى, اليوم السبت 16 نوفمبر 2024 01:54 مساءً
احتفل الأشقاء الجزائريون ومعهم أحرار العالم بالذكرى السبعين على اندلاع ثورة الجزائر ضد الاحتلال الفرنسى.
احتلت فرنسا الجزائر فى الخامس من يوليو من العام 1830، وتواصل الاحتلال حتى إعلان استقلال الجزائر فى الخامس من يوليو من العام 1962، نتحدث عن مئة واثنين وثلاثين عامًا من الاحتلال الاستيطانى، الذى هو أسوأ وأشنع أنواع الاحتلال.
الدرس الذى قدمته الجزائر للبشرية ولكل من يسعى خلف حريته بسيط للغاية وعميق غاية العمق، درس من كلمات قليلة معمدة بالنار والحديد والدم والدموع: «ما ضاع حق وراءه مطالب».
لم تكن الثورة التى حققت الاستقلال هى أولى ثورات الجزائر ضد المحتل، فقد سبقتها ثورات وأعمال مقاومة بطولية، ثم جاءت ثورة الأول من نوفمبر من العام 1954 لكى تتوج بطولات الآباء والأجداد بتاج النصر والحرية.
تقول كتب التاريخ: بدأ أمر المقاومة بمقاومة الأمير عبدالقادر الجزائرى (1832 إلى 1847)، ثم مقاومة أحمد باى (1837 إلى 1848)، مرورا بمقاومة الزعاطشة (1848 إلى 1849) ولالّة فاطمة نسومر والشريف بوبغلة (1851 إلى 1857)، وصولا إلى مقاومتى الشيخ المقرانى والشيخ بوعمامة (1871 إلى 1883).
على مدار كل تلك السنوات، كان هناك من يدعو إلى الاستسلام إلى الأمر الواقع والقبول بذوبان الجزائر فى البدن الفرنسى، وكان هناك الذين يقبضون على جمر الثورة ويقبلون بدفع الثمن كاملًا غير منقوص.
ظلت الأمور على حالها حتى حدثت مذبحة مايو من العام 1945، ففى تلك المذبحة حصدت فرنسا أرواح خمسة وأربعين ألف جزائرى.
تلك المذبحة التى سبقتها مذابح كانت من أهم العوامل فى تشكيل نواة الثورة المسلحة، وذلك بعد الفشل التام لكل الحلول السياسية التى استغرقت عشرات الأعوام دون أن يحصل الجزائريون على شىء له قيمة.
المشهد المحفوظ من ذكريات تلك الأيام المجيدة يقول: إنه فى يوم 23 يونيو من العام 1954، اجتمع اثنان وعشرون من شباب الحركة الوطنية، فى منزل بأعالى العاصمة الجزائرية، ليطرحوا فكرة الثورة المسلحة.
وعلى إثر هذا الاجتماع - الذى ترأسه مصطفى بن بولعيد - انبثق قرار تعيين مجموعة مصغرة للقيام بالتحضيرات النهائية لإطلاق الثورة، ليكون تاريخ 23 أكتوبر 1954 موعدا للقاء مجموعة الستة (محمد بوضياف، مصطفى بن بولعيد، العربى بن مهيدى، مراد ديدوش، رابح بيطاط وكريم بلقاسم)، الذين اختاروا اسم «جبهة التحرير الوطنى» لمنظمة تحرّرية مسلحة؛ تعمل على استقلال البلاد، على أن يكون الأول من نوفمبر من العام 1954، موعدا لبداية الثورة.
يؤكد مؤرخو تلك المرحلة: أن الثورة المسلحة اعتمدت فى بداياتها الأولى على ألف ومئتى فرد فقط لا غير، يمتلكون أربعمئة قطعة سلاح فقط لا غير!
وقد أطلقوا الرصاصة الأولى من جبال الأوراس شرق الجزائر، وقد انتهت ليلة الثورة الأولى بعد أن صنع الثوار ثلاثين حادثة خطيرة استهدفوا بها قوات الاحتلال.
طبعًا لم يقف الاحتلال موقف المتفرج أو موقف العاجز، لقد واصل ارتكاب مجازره بحق كل الجزائريين، لا فرق بين ثائر مسلح وأعزل مسالم!
ما يفعله الاحتلال الإسرائيلى بفلسطين سبق للاحتلال الفرنسى أن فعله بالجزائر، وذلك لأن الاحتلال كالكفر ملة واحدة، استهدف الفرنسيون البيئة الحاضنة للثورة الجزائرية فارتكبوا بحقها المذابح والمجازر ثم تفرغوا لقتل كل وكافة قيادات الثورة.
القائد الأول كان مصطفى بن بولعيد صاحب المقولة الخالدة: «إخوانى سنجعل البارود يتكلم هذه الليلة».
نجا بولعيد من محاولات اغتيال كثيرة ولكن تمكن منه الاحتلال فى آخر اجتماع حضره قبل استشهاده يوم 22 مارس 1956، دس الاحتلال جهاز راديو مفخخ وعند محاولة تشغيله انفجر مخلفا استشهاد مصطفى بن بولعيد وخمسة من رفاقه (هل نسينا تفخيخ البيجر؟).
القائد الثانى كان العربى بن مهيدى، الذى اعتقله الاحتلال فى باريس وأعلن أنه انتحر فى سجنه، ولكن الرئيس الفرنسى الحالى إيمانويل ماكرون قطع قول كل خطيب، وذلك عندما اعترف رسميًا بأن العربى بن مهيدى لم ينتحر بل قتله عسكريون فرنسيون.
القائد الثالث هو ديدوش مراد جاء استشهاده سريعًا على أرض المعركة يوم 18 يناير 1955 فى منطقة الشرق بعد 78 يومًا فقط من انطلاق الثورة.
القائد الرابع هو كريم بلقاسم، اغتيل بعد الاستقلال فى ألمانيا وسط ظروف غامضة.
القائد الخامس هو رابح بيطاط الذى شارك فى الإعداد للثورة وتفجيرها فى قلب العاصمة، ثم ألقى القبض عليه وحكم عليه الاحتلال بالمؤبد، ولم يفرج عنه إلا بعد الاستقلال، وتوفى على فراشه فى العام 2000.
القائد السادس كان محمد بوضياف الذى نجا من القتل فى زمن الثورة، وتولى رئاسة الجزائر، ولكنه قتل فى حادثة اغتيال يلفها الغموض فى زمن العشرية السوداء التى شهدتها الجزائر!
التضحيات الكبيرة جدًا والأثمان الفادحة التى دفعها شعب الجزائر قربانًا هى خير ملهم للباحثين عن الحرية، فلا حرية دون ثمن حتى لو كان الثمن استشهاد مليون ونصف المليون إنسان.
0 تعليق