نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ربّ ضارة نافعة: هل دفنت «قمة الرياض» وهم السلام؟, اليوم الثلاثاء 12 نوفمبر 2024 06:50 مساءً
نشر بوساطة فؤاد العجرودي في الشروق يوم 12 - 11 - 2024
جاءت نتائج «القمة الإسلامية والعربية» الملتئة بالعاصمة السعودية الرياض لتؤكد حاجة الأمة إلى بعث جديد وأطر جديدة للعمل المشترك على أنقاص المعادلة الراهنة التي تعفنت أكثر من اللزوم.
بل إن فعاليات هذه القمة بالذات أكدت بشكل حاسم انتفاء الحدّ الأدنى من القواسم المشتركة الذي يمكن أن تلتقي عنده أنظمة وطنية تؤمن فعلا بأن فلسطين تمثل خط الدفاع الأول عن العروبة وأنظمة صورية نخرها الفيروس الصهيوني فالواضح ودون الحاجة إلى الخوض في التفاصيل أن الذين دعوا إلى اجتماع الرياض كانت غايتهم ضخ زخات من الأككسجين في شرايين الكيان الصهيوني تنقذه من الإنهيار الحتمي.
بل إن هذا الإجتماع الصوري يمثل بشكل أو بآخر واحدا من تمظهرت التضليل الصهيوني الهادف إلى تثبيت الإحباط في الشارع العربي عبر الإيحاء بأن الأمة العربية غارقة في مستنقع الإستسلام وهو ما يتعارض تماما مع الوقائع الراهنة التي تشير إلى عودة قوية للقومية العربية على قواعد صلبة وانطلاقا من قراءة جيدة لتراكمات الماضي واستقراء دقيق لمسار التاريخ.
فالواضح أن محور التحرر آخذ في التوسع بعد عشرية سوداء ظلت خلالها دمشق حص العروبة الوحيد حيث أن العراق بدأ يشتد عودة بعد أن نجح في صد أجندا التقسيم وأصبح اليمن منبت العروبة الجديدة ويتقدم السودان بثبات على درب إعادة بناء دولته الوطنية فيما أصبحت كل من تونس والجزائر نموذجا للتحرر يشع على محيطه الإفريقي المرتبط عضويا بالشرق الأوسط كما تظهر التطورات الأخيرة أن لبنان موحدة في الوعي بأن الحرب ضد الكيان الصهيوني هي حرب هوية ووجود فلو لا هذا الوعي الجماعي لما ظلت المقاومة اللبنانية واقفة على خط النار طيلة أكثر من عام.
وبالمحصلة فإن محور التحرر الذي يؤمن بمفهوم العدو الصهيوني المشترك ويتفاعل جيدا مع حركة التاريخ التي تؤكد بكل وضوح نهاية حقبة استثنائية في تاريخ البشرية داذمت 500 عام تشكلت خلالها مراحل بناء ما يسمى الصهيونية العالمية يشكل الأغلبية في المنطقة العربية فيما تضيق الجغرافيا العربية حول محور التطبيع الذي وصل إلى مرحلة العجز التام عن فعل أي شيء لا في هذا الإتجاه أو ذاك بعد أن قدم كل ما يستطيع تقديمه للدفاع عن الكيان الصهيوني.
والواضح أن أنظمة التطبيع تعاني من تداعيات صدمة حضارية عنيفة ومتصاعدة في ظل مواقف تعبر عن خلل عقلي مثل أمين عام الجامعة العربية الذي دعا الأمم المتحدة إلى تجميد عضوية إسرآئيل فيما كان بمقدوره أن يطلب من قصر الإتحادية في القاهرة أن يلغي اتفاقية السلام مع الكيان الصهيوني أو أن يجمد عضوية الدول المطبعة في الجامعة العربية .
وفي السياق ذاته لا تزال الأنظمة الخليجية تلوك علكة حل الدولتين غير واعية أصلا بأبعاد هذا المفهوم الملغوم الذي يعني الإبادة الجماعية في العقيدة الصهيونية وهو ما تعبر عنه أحداث مأساوية في التاريخ الحديث والوسيط من أهمها الإغتيال المتوحش للزعيم ياسر عرفات في رام اللّه بعد توقيع اتفاق أوسلو والتصفية العرقية التي تعرض لها السكان الأصليون للولايات المتحدة الأمريكية بعد أن وعدهم المستوطنون القادمون من أوروبا بتقاسم الأرض بعد دحر الإستعمار البريطاني.
هذا هو الواقع العربي القائم اليوم والذي يحمل الدول المتحررة مسؤولية المبادرة بتأسيس نظام عربي جديد يستفيد من تراكم التجارب على امتداد قرابة 80 عاما ويقوم على أدوات مستحدثة تحمي الخصوصية الثقافية العربية بوصفها أساس الدافع الحضاري الذي يرسخ لدى المواطن العربي الثقة في الذات حتى يخوض هذا السباق الإنساني الجديد دون عقد .
كما حان الوقت لرأب الثغرات الهيكلية في منظومة الأمن القومي العربي وفي مقدمتها الإنفصال الثقافي عن الساحل الإفريقي غربا والحضارة الفارسية شرقا باعتبارها أنشأت فراغات استثمرتها الحركة الصهيونية عبر افتعال الفتنة الطائفية أو توسيع رقعة التهديد بالإرهاب من أجل الهيمنة على القرار العربي.
الأخبار
.
0 تعليق