رجل المفاجآت يعود

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
رجل المفاجآت يعود, اليوم السبت 9 نوفمبر 2024 10:34 مساءً

3 أسئلة صعبة في انتظار ترامب بعد عودته الثانية

هل سينهى الحرب الروسية الأوكرانية وحرب الشرق الأوسط خلال ساعات.. وموقفه من المواجهة مع إيران؟
 

رجل المفاجآت، هو الوصف الأكثر تعبيرًا عن دونالد ترامب، الذى عاد مرة أخرى إلى البيت الأبيض، بعد فوزه فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية فى مواجهة الديمقراطية كامالا هاريس، محققًا بذلك عودة استثنائية إلى السلطة.

 

وترامب بالفعل رجل المفاجآت، لأنه فى 2016، فجّر أكبر مفاجأة سياسية بفوزه برئاسة الولايات المتحدة، فى مواجهة الديمقراطية العتيدة هيلارى كلينتون، وبعدها بأربع سنوات، غادر البيت الأبيض، وسط فوضى غير مسبوقة. وها هو اليوم يعود مرة أخرى إلى البيت الأبيض بعد حملة انتخابية شابتها توترات ومحاولتا اغتيال، وعدائية غير مسبوقة.

 

خلال السنوات الأربع، التى قضاها ترامب فى البيت الأبيض، كان شعار «أمريكا أولًا»، هو المميز للرئاسة الترامبية، فلم يتوان عن اعتماد المواقف المتشددة حتى مع حلفاء واشنطن، وخاض تصعيدًا كبيرًا مع إيران، ووجّه ضربة قاسية إلى الجهود العالمية لمكافحة التغير المناخى، وهدد بالانسحاب من الناتو، وخاض معارك عدة مع حلفاء أمريكا.

 

وبعد خسارته فى انتخابات 2020 أمام جو بايدن، لاحقت ترامب التحقيقات والدعاوى القضائية، التى وصفها بأنها حملة اضطهاد سياسى، ومن أبرز القضايا ضده اتهامات بممارسة ضغوط على المسئولين عن العملية الانتخابية فى ولاية جورجيا فى 2020، وتحقيق بشأن طريقة تعامله مع أرشيف البيت الأبيض، وقضية ستورمى وليامز، الممثلة الإباحية، التى أتهم بمحاولة شراء صمتها.

 

ورغم كل ذلك، عاد ترامب إلى الصورة مجددًا، محققًا ما يمكن وصفه فى أمريكا بالإنجاز التاريخى، حيث أصبح الرئيس الـ47 للولايات المتحدة، وهو تحول ملحوظ فى مسيرة الملياردير الأمريكى، الذى ظن الكثير فى 6 يناير 2021 لحظة تنصيب بايدن رئيسًاً للولايات المتحدة، أن حياته السياسية قد انتهت، لكنه ها هو يعود مرة أخرى، بعد 4 أعوام من مغادرته البيت الأبيض.

 

وفى خطاب النصر، الذى ألقاه فجر الأربعاء الماضى، أمام أنصاره فى مركز مؤتمرات مقاطعة بالم بيتش، حيث كان برفقته المرشح لمنصب نائب الرئيس جيه دى فانس، وقادة جمهوريون وأفراد عائلته، قال ترامب: «منحتنا أمريكا تفويضًا قويًا وغير مسبوق.. أمريكا ستدخل عصرًا ذهبيًا»، مضيفًا: «حققنا نصرًا، سيسمح بجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى».

 

هذا التفويض، الذى تحدث عنه ترامب، مبنى على فوزه بالتصويت الشعبى، وأيضًا المجمع الانتخابى، وسيطرة جمهورية هادئة على الكونجرس، هو ما أثار العديد من التساؤلات حول الولاية الثانية لترامب فى البيت الأبيض. وهذه الأسئلة لا تتعلق بالوضع الداخلى، لكنها مرتبطة بسياسة أمريكا الخارجية، والتى كانت محل اهتمام شديد من ترامب ومنافسته كامالا هاريس، مع تصاعد التوترات فى الشرق الأوسط، وأيضًا استمرار الحرب الروسية- الأوكرانية.

 

قبل طرح هذه الأسئلة، نبقى قليلًا مع بعض مما قاله ترامب فى خطاب النصر، كونه يعبر عن جانب مهم من سياسته.

ترامب كرر حديثه عن إغلاق الحدود، وقال: «سنغلق الحدود، ولن نسمح باستمرار الهجرة غير الشرعية.. سنعيد المهاجرين غير الشرعيين إلى بلادهم»، مؤكدًا أنه سيعمل على قلب الأمور فى أمريكا رأسًا على عقب، مؤكدًا أن «الأمريكيين استعادوا السيطرة على بلدهم.. كل فئات المجتمع الأمريكى صوتوا لى»، مضيفًا: «سأجعل الجيش الأمريكى قويًا، وسأوقف الحروب.. سنحقق النجاح معًا، وكانت رئاستى الأولى كذلك».

 

السؤال الأول: ما موقفه من الحرب الروسية الأوكرانية، وهل سيقوض سطوة الناتو؟

بالتأكيد، فإن أوروبا وأعضاء حلف شمال الأطلسى «الناتو»، يفكرون بجدية فيما يمكن أن تخلفه رئاسة دونالد ترامب الثانية من أثر فى السياسة الخارجية، والأمنية، والاقتصادية، حيث يرى أوروبيون، أن اتجاه «أمريكا أولًا»، الذى ميز إدارته الأولى بوضوح، فى أجندته السياسية الخارجية، سواء على الجانب الأمنى أو الاقتصادى، سيزيد من متاعبهم فى الولاية الثانية.

 

ودأب ترامب خلال فترة ولايته الماضية فى البيت الأبيض، على مهاجمة دول حلف شمال الأطلسى، التى يقل إنفاقها الدفاعى عن الهدف المحدد بنسبة 2% من إجمالى ناتجها المحلى، مثل ألمانيا، وإيطاليا، وفرنسا، بينما تنفق الولايات المتحدة ما يقرب من 3،5%، وتساهم بحوالى 70% من إجمالى ميزانية حلف شمال الأطلسى.

 

وخلال الحملة الانتخابية، أكد ترامب، أن الولايات المتحدة، لن توفر الحماية لحلفائها، إذا انتُخب، وأردف خلال تجمع انتخابى بقوله: «سأشجع روسيا على فعل ما تريد»، وهو ما نظر إليه أعضاء الناتو على أن لها تداعيات على قوة الردع، التى يتمتع بها الناتو، وإن كانت مجرد كلمات، ويرى ترامب، أن الناتو عبء على صندوق الضرائب الأمريكى، وأن الولايات المتحدة، تؤمّن سكان أوروبا.

 

والرؤية العامة الآن لدى الناتو، أنه لا خلاف على قيادة أمريكا للحلف، وأن هذا التحالف الأمنى، لا يمكن أن يستمر دون القيادة السياسية الأمريكية، وقدرتها على تجميع الأعضاء على أهداف وسياسات محددة.

 

بالتوازى مع ذلك، فإن هناك نظرة أوروبية، أن ترامب سيسعى إلى توقيع اتفاق سريع مع روسيا لإنهاء الحرب فى أوكرانيا، وهناك مخاوف أن يجبر ترامب أوكرانيا على قبول شروط معينة، مثل التنازل عن أراضٍ لروسيا، أو الموافقة على البقاء خارج الاتحاد الأوروبى.

 

ورغم أن الحزبين الجمهورى والديمقراطى، يتفقان على ضرورة احتواء الصين، التى تعتبرها الولايات المتحدة منافسا استراتيجيا، لكن ترامب، يؤيد الانفصال الاقتصادى التام عن الصين، ويتوقع من الدول الأخرى، أن تفعل الشىء نفسه، فى إشارة إلى أوروبا تحديدًا.

 

وسبق أن انتقد ترامب بشدة المليارات، التى تنفق فى الحرب فى أوكرانيا، ووعد بحل هذا النزاع، حتى قبل أداء القسم، وهو احتمال يثير قلقًا لدى كييف.

فى المقابل أصر ترامب مرارًا على أنه يستطيع إحلال السلام فى أوكرانيا خلال «24 ساعة»، دون أن يوضح كيف.

 

ومن ينظر إلى استقبال كييف وموسكو لفوز ترامب، سيجد القلق ظاهرًا بقوة، فالرئيس الأوكرانى فلاديمير زيلينسكى، قال: «سنطبق معًا منهج السلام بالقوة، الذى يجعل السلام العادل قريبًا فى أوكرانيا.. نحن مهتمون بتطوير التعاون السياسى والاقتصادى المتبادل المنفعة، والذى سيعود بالنفع على بلدينا. إن أوكرانيا، باعتبارها واحدة من أقوى القوى العسكرية فى أوروبا، ملتزمة بضمان السلام والأمن على المدى الطويل فى أوروبا والمجتمع عبر الأطلسى بدعم من حلفائنا».

 

أما الكرملين، فقال إنه سيحكم على ترامب على أساس أفعاله، وأوضح المتحدث باسم الكرملين دميترى بيسكوف: «سنستخلص استنتاجات مبنية على خطوات ملموسة وكلمات ملموسة»، مؤكدًا أنه ««ليس على علم باعتزام الرئيس فلاديمير بوتين تهنئة ترامب»، نظرًا إلى أن الولايات المتحدة «دولة غير صديقة. نحن نتحدث عن دولة معادية، تشارك بشكل مباشر وغير مباشر فى حرب ضد دولتنا».

 

وساءت العلاقات الروسية الأمريكية بعدما شنت روسيا هجومها العسكرى على أوكرانيا، وقال بيسكوف: «عمليًا، من المستحيل، أن تتدهور العلاقات أكثر. إنها فى أدنى مستوياتها. وفيما يتعلق بما سيحدث، فإن كل شىء سيعتمد على القيادة الأمريكية»، مؤكدًا: «قلنا مرارًا إن الولايات المتحدة قادرة على وضع نهاية لهذا النزاع. بالطبع، لا يمكن أن يحدث ذلك بين عشية وضحاها.. لكن بما أن الولايات المتحدة، تغذى هذا النزاع، وتشارك فيه بشكل مباشر، أعتقد أنه يمكنها تغيير مسار سياستها الخارجية».

 

أما حلف الناتو وأعضاؤه، فلديهم نفس المخاوف، من تكرار انتقادات ترامب السابقة، لذلك ظهرت لهجة أقرب للتودد، بدأها مارك روته، الأمين العام لحلف شمال الأطلسى، الذى هنأ ترامب، مؤكدًا أنه سيبقى الحلف «قويًا»، فيما كتب الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون على منصة «إكس»: «تهانينا للرئيس دونالد ترامب»، وقال رئيس الوزراء البريطانى، كير ستارمر: «أتطلع للعمل مع ترامب، وسوف تستمر العلاقة بين بلدينا فى الازدهار».

 

هل سينهى الحرب فى الشرق الأوسط؟

فى حملته الانتخابية، دأب ترامب على تكرار وعده بإنهاء الحرب فى الشرق الأوسط، وعودة المحتجزين الإسرائيليين فى قطاع غزة، دون أن يوضح الكيفية، التى سيعمل بها، لذلك فإن هذا السؤال، بدأ يتردد بقوة، خاصة بعدما سارع رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، بتهنئة ترامب على العودة «التاريخية» للبيت الأبيض، وقوله إن هذه العودة «تقدم بداية جديدة لأمريكا، وتمثل إعادة الالتزام القوى بالتحالف العظيم بين إسرائيل وأمريكا».

 

وخلال فترته الرئاسية الأولى، طرح ترامب ما أطلق عليه حينها «صفقة القرن»، وشرع فى ترتيب اتفاقيات تطبيع بين إسرائيل ودول عربية، بدأت بالبحرين والإمارات والمغرب والسودان، وكان فى طريقه لتنفيذ خطة التطبيع بين إسرائيل والسعودية.

 

من جهتها، تلقت حماس خبر فوز ترامب بقولها، إنه «يجعله أمام اختبار لترجمة تصريحاته بأنه يستطيع وقف الحرب خلال ساعات»، مشيرة إلى أن «خسارة الحزب الديمقراطى، هى الثمن الطبيعى لمواقف قيادتهم الإجرامية تجاه غزة»، ودعا ترامب إلى «الاستفادة من أخطاء» الرئيس جو بايدن.

هذه التصريحات تؤكد تقارب الموقفين الإسرائيلى والحمساوى فى التعامل مع ترامب، فالجميع ينتظر منه، تنفيذ وعده بالسلام، فهل يستطيع تحقيق ذلك فعلا، وبأى طريقة؟.

 

هل ستدخل واشنطن فى مواجهة عسكرية مع إيران؟

نظرة ترامب لإيران لم تتغير، فهو يعتبرها العدو الأول لواشنطن فى الشرق الأوسط، بل فى العالم كله، وعلى أساس هذه النظرة، شرع فى تكوين تحالف شرق أوسطى، لمواجهة النفوذ الإيرانى، فهل مع عودته ثانية إلى البيت الأبيض، سيواصل سياسته ضد إيران أم ماذا سيفعل؟.

 

مراقبون يرون أن ترامب، سيعيد فرض «سياسة الحد الأقصى من الضغط» على إيران، من خلال تشديد العقوبات على قطاع النفط الإيرانى، وتمكين إسرائيل من ضرب المواقع النووية، وتنفيذ «اغتيالات نوعية»، وهو الحل الأقرب للواقع، خاصة أن ترامب، لا يميل إلى التورط فى مواجهات عسكرية خارجية.

 

إيران من جهتها، تدرك أنها أمام اختبار قوى وحقيقى، وهو ما يمكن استنباطه من الردود الإيرانية، والتى جاءت أبرزها على لسان المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجرانى، التى قالت إن معيشة الإيرانيين، لن تتأثر بالانتخابات الأمريكية، مؤكدة أن «سياساتنا ثابتة، ولا تتغير، بناء على أفراد، التدابير اللازمة، تم التخطيط لها مسبقًا، ولن يكون هناك تغيير فى معيشة الناس».

 

هذا التصريح على ضبابيته، لكنه يشير ربما إلى ترتيبات إيرانية لوضع خطط جديدة للتعاطى مع الإدارة الترامبية، منعًا لحدوث مزيد من التدهور.

هذه الأسئلة الثلاثة، هى الأبرز، وإن كانت هناك أسئلة أخرى، لا تقل أهمية عنها، مثل علاقته مع الصين، وسياسته الاقتصادية، خاصة أنه سبق وطرح خلال حملته الانتخابية، فكرة فرض رسوم جمركية باهظة بنسبة 10%، أو حتى 20% على السلع المستوردة، ما أثار قلق الشركات الأوروبية، حيث تعتبر هذه الشركات، أن الرسوم الجمركية، هى إحدى وصفات ترامب السياسية الرئيسية، وسبق أن فرضت إدارة ترامب قيودًا على تصدير التقنيات المتقدمة، فى محاولة لمنع الخصوم، مثل الصين من تطوير معدات قد تضر بأمن الولايات المتحدة.

 

وأيضًا موقفه من قضية المناخ، بعدما سبق وتعهد بوقف اتفاق باريس حول المناخ والتنقيب عن النفط «بأى ثمن»، وأمور أخرى مرتبطة بسياسة واشنطن الخارجية، لكن المؤكد، أننا أمام 4 سنوات، ستكون مليئة بالتفاصيل الكثيرة، خاصة أن ترامب يهوى اللعب بالسياسة، وتوسيع دائرة الصراعات السياسية، لكن فى إطار حجمها الطبيعى، بحيث لا تتطور إلى مواجهات عسكرية، حتى وأن هدد بذلك.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق