الدفاع المدني والمقامات الدينية وبنك الأهداف

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الدفاع المدني والمقامات الدينية وبنك الأهداف, اليوم الاثنين 18 نوفمبر 2024 02:18 صباحاً

لطالما تفاعلت الشُعوب العربية، في عصر عربي مُتعافى، مع "كوكب الشرق"، السيدة أُم كلثوم، وضمنا حينما صدح صوتها الشجي، وهي تُنشد أُغنية "سيرة الحُب"... ولكن الأمر لا ينسحب اليوم، في عصر الوهن العربي علينا، إذ ننأى بالنفس، على وقع "سيرة الحَرب" الإسرائيلية على لبنان وغزة.

لقد حلت اللامُبالاة مكان التفاعُل. وحل أزيز القذائف الذكية المُدمرة القاتلة خبط عشواء، محل أنغام موسيقية مُنعشة للروح ومُحيية للوجدان، ومُريحة للأعصاب.

تلك الحرب الضروس التي سحقت الأطفال والشيوخ والمرضى، ولم تستثنِ حتى العاملين في الدفاع المدني والمقامات الدينية، من دون أن ننسى "إدمان" تل أبيب على استهداف الصحافيين، أو لنقُل: المدنيين بالعموم!.

عُنف بمنسوب عالٍ

الثُلاثاء 12 تشرين الثاني 2024، شهد لُبنان عُنفا إسرائيليا عاصفا وبمنسوب عال!. فقد بدأت الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، بُعيد العاشرة صباحا، واستمرت وإن بوتيرة مُتقطعة، إلى ما بعد مُنتصف ليل الثلاثاء - الأربعاء.

وظهرت حيوية أفيخاي أدرُعي، "العقيد في الجيش الإسرائيلي"، الشاغل منصب رئيس قسم الإعلام العربي، في وحدة "الناطق باسم الجيش الإسرائيلي"، ذاك اليوم، في أعلى مُستوياتها...

كالعادة، راح يُحدد الأماكن السكنية المأهولة، التي ستستهدفها المُقاتلات الإسرائيلية الفتاكة، آمرا المدنيين بإخلاء مساكنهم وأرزاقهم...

ولكن للأمانة، لا تظهر طلة أدرعي البهية دائما، مُبشرة بهول الأُمور وعظائمها... فبعض الأحيان تعتمد "إسرائيل"، في حربها على المدنيين عنصر المُفاجأة، غير آبهة بالعواقب!...

ولقد حظي أدرُعي، نتيجة منصبه، بشُهرة واسعة في وسائل الإعلام العربية.

هو مِن أُصول جمعت إلى يهوديتها، الأُصول السورية والعراقية والتركية، في آن معا!.

12 شهيدا في جون

في 13 تشرين الثاني 2024 أيضا، وضمن الغارات اليومية على الأماكن السكنية، حصلت غارة على بلدة جون ذهب ضحيتها 12 شهيدا بينهم أطفال. وصدر عن "مركز عمليات طوارئ الصحة العامة"، التابع لوزارة الصحة، بيان أعلن أن "غارة العدو الإسرائيلي على جون في قضاء الشوف، أدت في حصيلة مُحدثة إلى سُقوط اثني عشر شهيدا وإصابة ثمانية أشخاص آخرين بجروح"... في يوم وصِف بالرهيب، زرع الرُعب في النُفوس... وصولا إلى المدارس التي تفاجأت بالضربات العسكرية الصباحية.

لقد كانت جولات "إسرائيل" العُنفية تحصل في ساعات مُتأخرة من النهار، واصلة ما تبقى منه بالليل، وحتى الفجر.

هلع المُتعلمين

وبالعودة إلى 13 تشرين الثاني 2024، ذاك اليوم الرهيب، الذي سيبقى محفورا، مع تبعاته، في نُفوس المُتعلمين، الأطفال منهم والفتيان.

يومها تزامنت الجولات العنفية مع تدريسي الأدب العربي في مدرسة "المخلص" – بدارو، فعاينتُ ذاك الهلع من قُرب.

كاريمان، المُتعلمة في الثانوي الأول، تمالكَها الاضطراب الشديد، بعدما شاهدت ورُفقاء صفها، من نافدة الصف، دُخانا يتصاعد عقب إحدى الغارات الإسرائيلية.

أول ما خطر على بالها، أبوها، المُتنقل بين مناطق الضاحية الجنوبية لبيروت، بحُكم عمله، مصدر رزقه!.

وشاطرَت تالا، رفيقتها كاريمان همها. فوالد تالا يترك هاتفه في وضعية الصمت، ولا يتنبه حُكما لرسائل أدرعي، وهي تقطر إنسانية وحضارة!.

كما وإن والد تالا بدوره، محكوم عليه العمل في الضاحية الجنوبية. وهذا ما يُسوغ دموع الصبية الغزيرة على الخدين، في ذلك اليوم الرهيب، كسابقاته من الأيام، وما سيليه...

ولكُل مُتعلم في لُبنان، قصة مع يوميات حرب، لا ناقة للمدنيين فيها ولا جمَل، ولا حتى يُسمح لهم بإبداء الرأي في شأنها... فقط عليهم أن يرضَوا بسوء طالعهم، لكونهم ولدوا في أرض المُعاناة، وعلى خط الموت الجارف.

جيل ناشئ، ينام على تهديد ليصحو على آخر، في دولة عاجزة عن حماية أمنهم، عجزها عن حماية مدخراتهم وجنى عمرهم في المصارف المحلية!.

نغمة واحدة يسمعونها كُل يوم: "وجّه الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، تحذيرا عاجلا إلى جميع السُكان المُتواجدين في منطقة ... وتحديدا في المباني المُحددة في الخرائط المُرفقة، والمباني المُجاورة لها في منطقة ...".

وثمة صيغة تهديدية أُخرى قوامها: "إنذار عاجل إلى كُل المُتواجدين في منطقة ... وتحديدا في المبنى المُحدد في منطقة ... والمباني المجاورة له".

الدفاع المدني

وما كاد الأُسبوع ينتهي في 16 تشرين الثَّاني 2024، حتى نعت المُديرية العامة للدفاع المدني، ١٢ شهيدا من المُوظفين والمُتطوعين من عديد مركز بعلبك الإقليمي، الذين استُشهدوا بتاريخ ١٤-١١-٢٠٢٤، اثناء تأدية واجبهم الوطني والإنساني، حيث استهدفت غارة (إسرائيلية)، مركز بعلبك الإقليمي في بلدة دورس.

وخلال الأسبوع المشؤوم نفسه، "إرتقى 7 شهداء من عائلة واحدة، في غارة على بلدة عربصاليم"، على ما أوردت "الوكالة الوطنية للإعلام".

مقام النبي شمعون

ليل الجمعة 15–السبت 16 تشرين الثاني، ووسط ظلام دامس، فجر "الجيش الإسرائيلي" المُتوغل جنوبا، بعد تفخيخه، مقام النبي شمعون الصفا، الواقع في مُحاذاة قلعة شمع التاريخية، المُشرفة على نواحي فلسطين المُحتلة وساحل صور، والتي بنيت في العام 1116، على يد الصليبيين.

وقد أظهرت "إسرائيل" همجية لم تُوفر حتى المقامات الدينية ولا تركت الأنبياء في سلام!.

وتقع بلدة شمع، على بُعد أقل من ستة كيلومترات من الحُدود الفلسطينية – اللُبنانية. وقد توغلت إليها وحدات من جيش الاحتلال الإسرائيلي، بعد معارك مع "حزب الله". وتسبب التفجير بانهيار القبتين اللتين تعلوان سقف المقام، وتصاعد سحب الدخان من فتحتمهما، فيما بقيت مئذنة المسجد صامدة.

ولم يقتصر العُدوان الإسرائيلي على المقام، بل تعداه، وفق معلومات من البلدة، إلى تضرُر منازل مُحيطة بالمكان.

وكذلك جرفت آلية عسكرية، نوع "جاك هامر" الأرض، بالقُرب من النادي الحسيني للبلدة، حيث مقر قيادة الكتيبة الإيطالية العاملة ضمن "اليونيفيل" وعدد من المقار الأخرى.

الأهمية الدينية للمقام

ويُعد المقام، المعروف بمقام بطرس الرسول أيضا، الواقع على تل مرتفع، ويحضن بيوت شمع، من الأماكن الدينية السياحية. وكان يشهد وفودا كبيرة، للصلاة وإضاءة الشموع. هو مُؤلف من طبقتين اثنتين ويزحف إليه المُؤمنون من مُختلف الطوائف للتبرُك والصلاة ووفاء النُذور...

ووفق المرويات، فإن النبي شمعون الصفا هو حواري وابن حمون، يعود نسبه إلى النبي سليمان بن داود، وأمه أخت يواكيم، والد العذراء مريم.

وبيّنت وثيقة، منحوتة على حجر من حجارة مئذنة المقام، المبنية على الطريقة العثمانية، أن تاريخ بناء المئذنة يرجع إلى العام 490 هجرية أي قبل مجيء الأوروبيين الذين بنَوا القلعة المُشرفة على بحر صور وشمال فلسطين.

ويقع هذا المقام ضمن سور القلعة التاريخية للبلدة التي تحولت قبل تحرير العام 2000 إلى مقر عسكري للجيش الإسرائيلي لنحو 22 عاما. وعاث الاحتلال وعملاؤه بالمقام والقلعة، فضلا عن تدمير أجزاء كبيرة من القلعة، في عدوان تموز 2006.

وأُعيد ترميم وتأهيل المقام، بهبة من دولة قطر، فيما تكفلت الحكومة الإيطالية بترميم القلعة. وقد انتهت فيها الأعمال في العام 2021 وبلغت تكلفتها 500 ألف يورو.

وللحديث صلة...

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق