بعد انهيارات مرّت بها استثمارات الهيدروجين مؤخّرًا، تواجه شركة كيماويات شهيرة أزمة داخلية وخلافات مع حمَلة الأسهم وصلت إلى حد الدعوة إلى بيع الشركة التي تأسست قبل أكثر من 200 عام.
وفي خطاب رسمي تناقلته وسائل الإعلام، وجّه أكبر حمَلة الأسهم في الشركة، وهي “جونسون ماتي” (Johnson Matthey)، انتقادات إلى الإدارة، متهمين إياها بتبديد الأموال وانهيار قيمة الأسهم، وطالبوها بتغييرات جذرية لتصحيح المسار.
بدورها، قالت الشركة البريطانية المدرجة في بورصة لندن إنها “كانت تُحرز تقدمًا رغم الصعوبات في السوق، لكن شركة ستاندرد إنفستمنتس (Standard Investments) التي تحمل النسبة الأكبر من الأسهم (11%) اتهمتها بإنفاق الكثير من الأموال على مشروعات حققت (نموًا غير مثبت) دون خطة واضحة لتحقيق أرباح”.
وانهارت أسهم الشركة بنسبة 55% على مدار السنوات الـ5 الماضية، لكنها حققت قفزة بأكثر من 6% اليوم الثلاثاء (16 ديسمبر/كانون الأول 2024) بدعم من الدعوة للبيع.
استثمارات الهيدروجين والبطاريات
تقول شركة ستاندرد إنفستمنتس الأميركية إن شركة جونسون ماتي بددت ما إجماليه 650 مليون جنيه إسترليني (825.1 مليون دولار) على استثمارات مُضللة بقطاع تقنيات الطاقة الخضراء.
*(الجنيه الإسترليني = 1.27 دولارًا أميركيًا)
وتفصيليًا، بدّدت الشركة البريطانية 340 مليون جنيه إسترليني على مشروعات “فاشلة” في قطاع مواد البطاريات، كما ذهب أكثر من 310 ملايين جنيه إسترليني سدى على تقنيات إنتاج الهيدروجين.
وكانت جونسون ماتي قد أعلنت في نوفمبر/تشرين الثاني (2021) فشل قطاع الاستثمار بمواد البطاريات لديها، بعدما توصلت لحقيقة أنه لا سبيل للتنافس مع التقنيات الأقل تكلفة ومنتشرة على نطاق أوسع.
وباعت تلك الوحدة مقابل 50 مليون جنيه إسترليني فقط، بعدما أنفقت 340 مليونًا على تطويرها فضلًا عن 363 مليونًا لإعادة الهيكلة.
وعلى صعيد استثمارات الهيدروجين، ضخّت الشركة الكثير من الأموال في رهان باهظ الثمن بإجمالي 310 ملايين جنيه إسترليني (منذ العام المال 2022) رغم تكبدها للخسائر.
وتشمل تلك الاستثمارات تقنيات تعظيم إنتاج الهيدروجين الأخضر باستعمال المحفزات والأغشية بين الأقطاب الكهربائية.
وخلال النصف الأول من العام المالي الجاري، تكبّدت استثمارات الهيدروجين بالشركة خسائر بقيمة 20 مليون جنيه إسترليني، في انخفاض نسبته 46% على أسس سنوي.
وبناء على ذلك، حذّرت شركة ستاندرد من أن استثمارات الهيدروجين بشركة جونسون ماتي تخاطر باتباع طريق مشابه لما آلت إليه وحدة البطاريات؛ إذ لا يوجد طريق واضح لتحقيق إيرادات على رأس المال.
ويُنظر إلى الهيدروجين بوصفه بديلًا نظيفًا لمصادر الوقود الأحفوري كثيفة الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري في قطاعات صعبة الكهربة مثل النقل والأسمدة والصلب من بين أخرى.
لكن خبراء حذّروا من تكلفة إنتاجه الباهظة، واستهلاكه كميات كبيرة من الكهرباء، فضلًا عن استمرار احتياج استثمارات الهيدروجين للإعانات الحكومية السخية.
وبناءً على ذلك طالبت الشركة باتخاذ خطوات فورًا للتخلص من المخاطر أو بيع قطاع استثمارات الهيدروجين؛ كونه لا يحمل سوى إمكانات مستقبلية ضئيلة بالنظر إلى سجل الشركة الضعيف في إدارة مثل تلك المشروعات.
شركة استثمارات الهيدروجين جونسون ماتي
أعربت شركة ستاندرد عن دعمها الشروع في عملية مراجعة رسمية وخطة جديدة لاستثمارات شركة “جونسون ماتي”، بما قد يشمل استكشاف فرص بيع جزء أو كل الشركة، لزيادة قيمة الأسهم إلى حدها الأقصى مع الأخذ برأي مستشارين متخصصين.
ويعمل بشركة جون ماتي 11 ألفًا و600 شخص في أكثر من 30 دولة حول العالم، وتشمل قائمة أصولها مصنعًا كبيرًا في مدينة رويستون بإنجلترا.
وبناء على التراجع المستمر لسعر سهم شركة جونسون ماتي في السنوات الأخيرة، دعت شركة ستاندرد إلى اتخاذ قرار حاسم، متهمة رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي بالفشل والتراخي في تصحيح إستراتيجية مضللة وتحسين أداء الشركة المالي.
وتراجعت مبيعات قطاع الهواء النظيف الذي يُنتج “المحولات الحفّازة” لسيارات البنزين في الشركة بنسبة 9% على أساس سنوي خلال المدة بين مارس/آذار وسبتمبر/أيلول (2024).
وتُستعمل المحولات الحفازة في خفض انبعاثات سيارات البنزين، وتستحوذ شركة “جونسون ماتي” على حصة كبيرة من مبيعاتها في سوق المملكة المتحدة بمعدل 1 من كل 3 سيارات.
ويخشى كثير من المستثمرين من انهيار الطلب على تلك المحولات بسبب السيارات الكهربائية؛ إذ يسعى حزب العمال الحاكم إلى تبكير موعد حظر سيارات البنزين والديزل الجديدة إلى 2030.
فشل إداري
منذ توليه منصبه في 2022، فشل الرئيس التنفيذي للشركة في تحقيق تحسّن ملموس، وهو ما نشر خيبة الأمل بين المستثمرين.
وهنا، يقول خطاب شركة ستاندرد إندستريز إن فريق الإدارة العليا الحالي يفتقر إلى الشعور بالحاجة الملحة والقدرات الإستراتيجية اللازمين لتحسين أداء الشركة.
وفي ضوء خسائر استثمارات الهيدروجين والبطاريات، قالت “ستاندرد” إن الإنفاق يفتقر إلى الانضباط ودمّر قيمة الأسهم، وبناء على ذلك دعت إلى تحديث مجلس الإدارة الحالي الذي أثبت فشله في تغيير الشركة للأفضل.
من جانبها، أبدت شركة جونسون ماتي توجهًا إيجابيًا تجاه رسالة شركة ستاندرد إنفستمنتس قائلة إنها ترحب بالمشاركات البناءة من حملة الأسهم جميعهم.
كما أكدت التزامها بتحسين الأداء المالي قائلة إن المجلس والفريق الإداريين حازمان في تركيزهما على تحسين أداء سعر السهم، كما أقرت بالحاجة إلى استعادة إيرادات المساهمين.
وشددت على التزامها الكامل بدفع تحسين النمو قدمًا ورفع حجم التدفقات النقدية وضبط رأس المال، وقالت إنها تواجه سوقًا صعبة في تحقيق إستراتيجيتها للتحول الشامل، لكنها ستواصل تعديل تلك الإستراتيجية في ضوء تطورات السوق.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر:
1- نص خطاب شركة ستاندرد إنفستمنتس من صحيفة تيليغراف
2- رد شركة جونسون ماتي في بيان صحفي